<< إنّ من الخير لنا أن نُوحّد جهودنا لترقية ثقافتنا العربيّة التي عُرفنا بها وعُرفت بنا كرهنا أم رضينا بدل أن نسلك شعابا مُتباينة نستنفد قوّتنا ولا تُفضي بنا إلاّ إلى الفُرقة والدّمار ! !
ليست الثّقافة كما تظنّون ثوبا يلبسه صاحبه متى شاء ويخلعه متى أراد وإلاّ لكان من السّهل على الأمم جمعاء أن تُصبح أسرة مُؤتلفة مُتساوية الدّرجة في الرّقي والحضارة (<< ولو شاء ربّك لجعل النّاس أمّة واحدة >>) >> .
]]><< كانت عواصم الإسلام ومُدُنه بالغة أقصى درجة في النّظافة والنّقاوة بينما كانت عواصم الأمم الأخرى في ذلك العهد تتراكم الأقذار في أفنيتها ولكن لمّا انحطّ المسلمون بنسيانهم آداب دينهم وإعراضهم عن كتاب ربّهم وأحاديث نبيّهم انقلبت الحال وأصبحتَ ترى في كثير القرى والمُدن الإسلاميّة الأوساخ مالئة الأفنية والسّاحات >> .
]]><< على نحو الأربعين ميلا إلى الشمال الغربي من قسنطينة تقوم بلدة ميلة بين جلال جبالها وأوديتها وبين جمال بساتينها وحدائقها في أبّهة الأمير المُنتصر تستعرض جنود الظّفر من عهد يوغرطة إلى عصر الأغالبة إلى دولة الأتراك العثمانيين .
وعلى ثغرها ابتسامة الهازئ المُتهكم من عنت الدّهر ووقوفه لها موقف العدو المتجهّم الذي طالما رماها بالنّكبات المُبيدة تقع تحت تأثيرها أحيانا ولكنّها سُرعان ما تقيل عثرتها بقوّة حيويتها وتعيد اسمها بيدها إلى سجل الخلود بمداد العظمة والفخر >> .
]]><< وسيّدتنا فاطمة الزّهراء البتول كانت لوعتها وفجعتها بوفاة أبيها أشدّ مُصابا وأعظم رزءا ممّا يصف الواصفون , ولقد أقامت على تُربته الطّيبة الزّكيّة ستّة أشهر كاملة وهي تبكي وتقول :
ماذا على من شمّ تُربة أحمد *** أن لا يشُمّ مدى الزّمان غواليا
صبّت عليّ مصائب لو أنّها *** صُبّت على الأيّام عُدن لياليا
]]><< زعماء الأمم وقادة الرّأي فيها هم مناط الأمل وموضع الرّجاء تنظر إليهم الأمم في محنتها وكلب الزّمان عليها نظر الجريح المُثخن إلى الطّبيب الحاني أو نظر الغريق تقاذفت به الأمواج في بحر لُجّي إلى من يرجو عنده النّجاة فإن هم ائتلفوا و تعاضدوا وجعلوا مصلحة الأمّة مطمح أنظارهم وموضع اهتمامهم هوّنوا عليها أمرهاونفسوا عنها كربها وكانوا عند ظنّها , وإن هم اختلفوا أو تدابروا وراح بعضهم يُناهض بعضا ويُقيم له الحواجز في سبيله ويرميه بما قد يكون منه بريئا وأنّ له فيه وجهة نظر , ضاعفوا آلامها وزادوها شقاء ومحنة وأوردوها موارد العطب وتحمّلوا تبعة ما ركبوا من ذلك >> .
]]><< عن أنس قال : << العمل في ليلة القدر والصّدقة والصّلاة والزّكاة أفضل من ألف شهر >> أخرجه عبد بن حميد , نقله في الدّر المنثور ( 6 : 370 ) .
( تعليق ) : بيّن هذا الأثر ــ وفي معناه آثار كثيرة ــ أنّ خيرية ليلة القدر راجعة إلى تفضيل الطّاعة فيها والعمل الصّالح على غيرها من اللّيالي والأيّام , وهذا يُفيد أنّ المسلم الذي يتطلّب ليلة القدر إنّما يتطلّبها ليعمل فيها صالحا ويجدّ في العبادة , فالمؤمن إنّما يطلبها للدّين لا للدّنيا , وقد ثبت في الصّحيحين عن أبي هُريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه آله وسلّم قال : (<< من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدّم من ذنبه>>) .
]]><< قال الشّوكاني : << قيل سُمّيت ليلة القدر لأنّ الله سُبحانه يُقدّر فيها ما شاء من أمره إلى السّنة القابلة , وقِيل لعظيم قدرها وشرفها وقِيل لأنّ للطّاعات فيها قدرا عظيما وثوابا جزيلا , وقال الخليل لأنّ الأرض تضيق فيها بالملائكة كقوله تعالى :(<< ومن قُدِرَ عليه رزقه >>) أي ضُيّق >> , تفسير الشّوكاني ( 5 : 459 ) .
( تعليق ) : هذا كلام الشّوكاني حذفنا منه كلمات قليلة لا تُؤثّر في فهم المراد منه , والأقوال الثلاثة الأول ذكرها أيضا مُحيي السّنّة أبو محمّد البغوي في تفسيره , ولا أرى مانعا من صدق هذه الأقوال مُجتمعة , فهي ليلة قدر بمعنى تقدير الأرزاق والآجال وغيرها لوُقوع هذا التقدير فيها , وهي ليلة قدر وشرف لنزول القرآن فيها , وللطّاعات فيها قدر وفضل على الطّاعات في غيرها , وهي ليلة تكثر فيها الملائكة بالأرض كثرة لا تكون في غيرها لقوله تعالى (<< تنزّل الملائكة والرّوح فيها >>) . وعلى تفسير القدَر بمعنى تقدير أمور الخلق يُقال كيف يتجدّد هذا التّقدير كلّ سنة وقدرُ الله أزليٌ ؟ وقد نقل البغوي جواب هذا السّؤال في تفسيره , فقال : << قِيل للحسن بن الفضل أليس قد قدّر الله المقادير قبل أن يخلق السّموات والأرض ؟ قال : نعم , قِيل : فما معنى ليلة القدر ؟ قال : سَوقُ المقادير التي خلقها إلى المواقيت تنفيذ للقضاء المُقدّر >> , وقد استبان من هذا أنّ اللّيلة التي تُقدّر فيها أمور الخلق هي اللّيلة التي قال الله فيها خير من ألف شهر , وسمّاها في آية الدّخان مُباركة إذ قال (<< إنّا أنزلناه في ليلة مُباركة >>) فليلة القدر واللّيلة المُباركة اسمان لليلة واحدة هي ليلة إنزال القرآن وهذه اللّيلة في رمضان لقوله تعالى : (<< شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن >>) وليست في شعبان كما يظنّه العوام الذين يفرّقون بين ليلة القدر واللّيلة المُباركة , ويعتقدون اعتقادا مُخالفا للقرآن أنّ اللّيلة المُباركة ليلة النّصف من شعبان , وبعض العوام يُسمّون ليلة النّصف من شعبان << ليلة قسّام الأرزاق >> ولهم في هذه اللّيلة خُرافات يبنونها على أساس الجهالات , وغرضُنا من هذا التّنبيه إرشاد المسلمين إلى معرفة هذه اللّيلة معرفة صحيحة كما نطق الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وبهذه المعرفة على هذا الوجه تتطهّرُ عقولهم من خُرافات وتزول عنهم جهالات >> .
]]><< يقولون إنّ العاقل يصون أفعاله من العبث ومن العقل أن لا يطلب ما يستحيل تحقيقه >> .
]]><< العقيدة والصّبغة الدّينيّة عندنا هي فوق كلّ شيء وقبل كلّ شيء وأعزّ من كلّ عزيز وأعظم من كلّ عظيم >> .
]]><< الإسلام من أصله إلى فرعه ومن أساسه إلى آخره ليس له مأخذ غير الكتاب والسّنّة ولا مذهب غير ما عمل به السّلف الصّالح وكلّ نِحلة تُخالف ذلك فإنّما هي شرّ المسالك التي نسجتها أيدي الضّلالة ( ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ) >> .
]]>