قصّة الشّهر : مصرع ظالم

طباعة
تقييم المستخدمين: / 0
سيئجيد 

فاقصص القصص لعلّهم يتفكّرون

مصرع ظالم ([1]) :

        ولي زيد بن أبي مُسلم الحجّاج بن يُوسف وكاتبه إمارة إفريقيّة , من قبل يزيد بن عبد الملك الخليفة الأموي , فقدمها سنة إحدى ومائة , فأراد أن يسير في الأمازيغ سيرة مولاه الحجّاج فيمن أسلم من أهل سواد العراق , فإنّ الحجّاج ردّهم من الأمصار إلى قُراهم , ورسا تيقهم ووضع الجزية على رقابهم كما كانت تُؤخذ منهم قبل أن يُسلموا , فلمّا عزم بزيد على ذلك في أهل إفريقيّة تآمروا على قتله فقتلوه , وولّوا مكانه عليهم محمّد بن يزيد مولى قُريش الذي كان عاملا عليهم قبل يزيد , وكتبوا إلى أهل يزيد بن عبد الملك ! << إنّا لم نخلع أيدينا من الطّاعة ولكنّ يزيد ابن أبي مُسلم سامنا بما لا يرضى به الله والمُسلمون فقتلناه وأعدنا عاملك >>

إباء وعدالة :

        سيم خُطّة خسف شنيعة هؤلاء الأفارقة , فيما أرادهم به هذا العامل الظّالم فأبوا وأوردوه مورد الظّالمين أمثاله .

        ورأى الخليفة صدق طاعتهم وعدل حُكمهم فأقرّهم على ما فعلوا في قتل من قتلوا وولاية من ولّوا , ولقي هذا الظّالم من الأفارقة ما لم يلقه مولاه وأستاذه الحجّاج بالعراق .

عبرة في مقتله :

        كان الوضّاح بن أبي خيثمة حاجب عُمر بنُ عبد العزيز الخليفة الأموي الرّاشد , فلمّا مرض عُمر أمره بإخراج المحابيس فأخرجهم سوى يزيد ابنُ أبي مُسلم مولى الحجّاج وكان إذ ذاك سجينا , فلمّا مات عُمر هرب الوضّاح إلى إفريقيّة خوفا من يزيد بنُ عبد الملك الخليفة بعد عُمر , فبينما هو بإفريقيّة إذ قيل قدم يزيد بن أبي مُسلم واليًا فهرب منه الوضّاح لِمَا يعلم من حقده عليه من يوم تركه في السّجن دون سائر المحابيس فطلبه يزيد حتّى ظفر به , فلمّا حُمل إليه ورآه قال له طالما سألت الله أن يُمكّنني منك , فقال له الوضّاح : وأنا والله لطالما سألت الله أن يُعيذني منك , فقال له يزيد : ما أعاذك الله والله لأقتُلنّك , ولو سابقني فيك ملك الموت لسبقتُه , ثمّ دعا بالسّيف والنّطع فأتيَ بهما وأمر بالوضّاح فأقيم بالنّطع وكُتّف وقام وراءه رجُل بالسّيف وأقيمت الصّلاة فخرج يزيد إليها فلمّا سجد أخذته السّيوف , سيوف أولئك الأباة من الأفارقة فقتلوه جزاء ظُلمه وخُروجه فيهم عن حُكم الإسلام , ثمّ أدخل على الوضّاح من قطع كتافه وأطلق سراحه .

        وهكذا جاء الفرج بعد الشّدّة وقلب الله أمر الرّجُلين في فترة قصيرة جدّا , فأمسى الأمير قتيلا والمكتوف في النّطع حُرًا طليقا , ونجّى الله حاجب الإمام العادل , وأهلك الظّالم مولى الظّالم , والحمد لله ربّ  العالمين .



   : مجلّة الشّهاب الجُزء الرّابع المُجلّد الخامس عشر ( [1])