اختلاف منازع المتكلمين في جمعية العلماء

إرسال إلى صديق طباعة PDF
تقييم المستخدمين: / 1
سيئجيد 

 

 

 من خطاب رئيس جمعية العلماء المسلمين الذي ألقاه في الاجتماع العام لهذه الأخيرة , نقلا عن جريدة الشريعة في  عددها الأول الصادر يوم الاثنين 24 ربيع الأول 1352 ه الموافق ل 17 جويلية 1933 م

        كثر الحديث عن هذه الجمعية و اختلفت منازع المتكلمين فيها و إنّ جمعية كهذه الجمعية في أمّة كهذه الأمّة في وطن كالوطن الجزائري لحقيقة بالتنازع فيها و اختلاف المنازع في شأنها ، و قد اختلفت فيها الأنظار يوم تأسيسها فهي في نظر البعض شيء غريب ، و في نظر البعض شيء مريب ، و في نظر البعض شيء حسن و لكن أوانه غير قريب .

        فأما الذين استغربوها فهم طائفة من السذج يقيسون الحقيقة الإنسانية بوجودهم و يقيسون التاريخ الإنساني بأعمارهم و يقيسون أسرار الاجتماع الإنساني ببيت تجمع زوجا و زوجة و أولادا يفرقهم الصباح للكد على القوت و يجمعهم المساء للنوم تحت السقف ، فأي نقطة في الحياة عند هؤلاء تحتاج إلى مظاهر الحشد و الاجتماع و ضم رأي لرأي ، و بهذا المقياس يقيسون الدين فهو عندهم اسم متعارف بين المسلمين و صلاة مفروضة تؤدى أولا تؤدى و انتساب إلى الإسلام يجرى مجرى القانونيات في زمننا هذا والاعتقاد بجنّة و نار من وسائلهما الأمل و لو بلا عمل فأية نقطة في الدين نحتاج إلى شيء اسمه جمعية علماء المسلمين .

        ومن عجائب صنع الله لهذه الجمعية أن كل واحد من هذه الطائفة الساذجة قدر له أن يحضر درسا أو يسمع محاضرة يصبح بفضل الله مسلما اجتماعيا يعرف حقيقة الإسلام و يدرك المنزلة التي أرادها له الإسلام .

        وأما المرتابون فهم طوائف شتى تجمعهم صفة واحدة وهي اعتقاد أنّ الجمعية تعارض مصالحهم أو فيها ما يعارض مصالحهم وقد كشفت الخطوة الأولى لهذه الجمعية عن مقاصدهم و كشفت لهم عما كانوا يرتابون فيه و أخرجتهم من الارتياب إلى التحقق فكان منهم ما رأيتموه من السخط عليها و الكيد لها و لو أنصفوا لجمع الحق بيننا و لكن الإنصاف قليل و إذا كان في أنصار هذه الجمعية من يضيق ذرعه بهؤلاء الكائدين الساخطين و يرى أنّ ظهورهم بما ظهروا به يعرقل سير الجمعية و يبطئ بها عن الوصول إلى الكمال ــ فإننا نرى عكس هذا الرأي ــ نرى أنّ وجود هؤلاء الساخطين الكائدين هو جزء متتم للجمعية و أنّ سخط الساخط عليها كرضى الراضي كلاهما تثبيت للجمعية و أن ذلك كله تدافع يظهر الله به الحق و يثبت قلوب أنصاره .

        وأمّا الطائفة الثالثة فهي طائفة قوي إشفاقها على هذه الأمّة ورحمتها بها ورأت أن عوامل الانحطاط فيها قوية ، وقد أراها الله من هذه الجمعية كيف يسرع لطف الله إلى قلوب الخائفين و كيف تقرب رحمته من المحسنين ، فقوي رجاؤها و ثبت يقينها و دخلت في العمل الصالح عن إيمان و بصيرة و هذه الطائفة هي أكثرية الأمّة و هي التي تمثلونها أنتم أكثر الله عددكم و ثبتكم على الحق و أحيانا وإياكم عليه حتى نلقاه غير مبدلين و لا مغيرين آمين يا رب العالمين .