حقائق عن التّرجمة

إرسال إلى صديق طباعة PDF
تقييم المستخدمين: / 2
سيئجيد 

نقلا عن مقال ـ( ما هو العلاج )ـ بقلم الأستاذ الزّاهري العُضو الإداري لجمعيّة العلماء المُسلمين الجزائريين , والذي نشرته جريدة الصّراط السّويّ في عددها الحادي عشر الصّادر يوم الاثنين 9 شعبان 1352 هجريّة المُوافق ل 27 نوفمبر 1933 للميلاد :

        << لقد اشتغلت تُركيا الحديثة بترجمة كُتُب الإفرنج , وأشرف القائمون بالتّرجمة من أبنائها فيما يُترجمون , وألحّوا على أمّتهم بذلك حتّى كانت النّتيجة هي أنّهم ترجموا أمّتهم المُسلمة الشّرقيّة إلى أمّة غربيّة كادوا يسلخُونها طوعا أو كرها عن دينها الإسلام .

        ولقد اشتغلت مصر بالتّرجمة وأسرفت فيها فوقعت اليوم في حيرة شديدة لا تعرف لنفسها معها مخلصا ولا مصيرا , وأنت إذا نظرت إلى هذه الكُتُب التّي عرّبوها لحدّ الآن وجدتّ فيها من السّفاسف شيئا كثيرا , نحن في حاجة شديدة إلى العلوم والصّناعات التّي نهضت بها أوروبا , وكان واجبا على الذين يُحسنون اللّغات الأوروبيّة من أبنائنا أن ينقلوا لنا من كُتُب الفرنجة كُتُب الصّناعة والعلم , ويُترجموها إلى لُغتنا , ولكنّهم بكلّ أسف قد قصّروا من هذه النّاحية فلم يُترجموا لنا من كُتُب العلم والصّناعة إلاّ قليلا ولكنّهم من جهة أخرى أسرفوا في ترجمة الرّوايات الخليعة التّي هي آفّة على الأخلاق , وخُذ مثلا لك الأستاذ الدّكتور طه حُسين وهو مشهور قد ترجم عن الفرنسيّة ولكنّه لم يُترجم إلاّ أفجر الرّوايات وأشدّها خلاعة واستهتارا , وهو حينما أنكر إعجاز القرآن الكريم عرّب رواية نشرها في مجلّة الهلال قال في أوّلها : إنّ هذه الرّواية هي أروع آية من آيات الأدب الحيّ وأنّها قد بلغت أعلى درجة من درجات الإعجاز , وقرأت أنا هذه الرّواية فإذا هي تافهة موضوعُها أنّ راقصة إيطاليّة قد أحبّها شيخ كبير من الأمريكان , ووصلته ذات يوم فكان بينهُما من الخطيئة والإثم ما يخجل منه حتّى الخجل والحياء غير أنّ الدّكتور طه وصف ذلك كلّه وصفا يُشوّق القارئ ويُغريه , والكلام هُنا طويل مُترامي الأطراف لا تتّسع له هذه الصّفحة وقد نعود إلى هذا الموضوع ولكن رحم الله مالكا فقد كان يقول : << لا يصلُح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلُها >> .