من شرع الله في البشر أن يكون منهم من يحكمهم

إرسال إلى صديق طباعة PDF
تقييم المستخدمين: / 0
سيئجيد 

 نقلا عن مقال بعنوان ـ( مُلك النّبوّة ( 3 ) ــ مجالس التّذكير ــ )ـ للأستاذ العلاّمة عبد الحميد بن باديس , والذي نشرته مجلّة الشّهاب في جُزئها الرّابع من المجلّد الخامس عشر , الصّادر في غُرّة ربيع الثاني 1358 هجريّة الموافق ل 21 ماي 1939 للميلاد :

        << طبيعة وشريعة : في عالم الجماد وعالم النّبات وعالم الحيوان نجد الطّبيعة ــ بصُنع الله ــ تستخلص الأعلى من الأدنى والأقوى من الأضعف فتجد المُمتاز من أصل الخلق وبانتخاب الطّبيعة في هذه العوالم الثّلاث كما تجد الذهب في المعدن وتجد الزّهر والثّمر في النّجم والشّجر وتجد الملكة من النّمل والنّحل مثلا , فالإنسان لم يخرُج عن هذا القانون الطّبيعي , ففيه المُمتازون الذين يحتاج إليهم النّوع الإنساني في صلاح حاله ومآله ومنهم الذين يتولّون حُكمه وتنظيمه في أممه ومُجتمعاته وجماعاته فالهيئة الحاكمة والأفراد المُنظّمون والقادة المُسيّرون من ضروريات المُجتمع الإنساني ومُقرّرات الشّرع الإسلامي مثل ما في هذه الآية من أمر الوازعين , ولمّا ولي الحسن البصري القضاء قال لابدّ للسّلطان من وزعة , أي أعوان يكُفون النّاس عن الشرّ والفساد ويتولّون تربيتهم وتنظيمهم , وفي رواية : لابدّ للنّاس من وازع , أي كاف يكفّ بعضهم عن بعض وهو الحاكم وأعوانُه , وفي حديث ــ ذكره أهل الغريب ــ : من يزع السّلطان أكثر ممّن يزع القُرآن , ومعناه أنّ من يكفهم عن الشّرّ خوف السّلطان وعقابه الدّنيوي أكثر ممّن يكفّهم عن الشّر الوعد والوعيد في القرآن , وقد قال الله تعالى : (<< وأنزلنا الكتاب والميزان ليقوم النّاس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للنّاس >>) .