ردّ جمعيّة العلماء المُسلمين الجزائريين على خطاب ابن غراب

إرسال إلى صديق طباعة PDF
تقييم المستخدمين: / 1
سيئجيد 

ردّ جمعيّة العلماء المُسلمين الجزائريين على خطاب ابن غراب :[1]

        زعم أنّ الجمعيّة تداخلت في شُؤون لا علاقة لها بالتّعليم وانفجرت بتعاليم مُنافية للعلم ومُثيرة للأحقاد والتّحزّبات .

        كأنّ المُلقّنين لهذا الغُراب يفهمون من التّعليم أنّه هو أن يجلس الشّيخ في وسط حلقة ثمّ يُلقي عليهم مسائل من النّحو ومسائل من كتاب الصّلاة هذا فقط هو التّعليم فأمّا مكتب ابتدائي يُعلّم فيه أبناء المُسلمين وبناتهم مبادئ دينهم ولُغتهم ويحفظون فيه من مواطن الفساد ومهاوي الشّقاء وبراثن المُضلّين ويُهيّئون للحياة تهيئة صحيحة تُكوّن منهم رجالا مُسلمين يخدمون أمّتهم ووطنهم ودولتهم ويُشرّفون سُمعتها , وأمّا إلقاء دروس الوعظ والإرشاد على طبقات العامّة التّي تُفقههم في دينهم وتُعرّفهم بالفضائل الإنسانيّة وتُحذرهم من الرّذائل الحيوانيّة وتفتح بصائرهم لإدراك حقائق الحياة الدّنيا وما يُفيدهم في الحياة الأخرى وتصحيح عقائدهم وتهذيب أخلاقهم وتقويم أعمالهم حتّى يعيشُوا بذلك كلّه سُعداء في الدّنيا مع أنفسهم وجيرانهم وحُكومتهم ويكونوا على أقوى الأسباب لنيل السّعادة في آخرتهم ــ فهذا كلّه شؤون لا علاقة لها بالتّعليم ولهذا لمّا اشتغلت بها الجمعيّة ــ زيادة على دروس رجالها لطلبة العلم ــ قال هذا المُتقوّل المقول أنّ الجمعيّة تداخلت في شُؤون لا علاقة لها بالتّعليم .

        أمّا التّعليم ــ كما يفهمه كلّ أحد وكما جاء به الدّين وكما كان عليه سلفُ المُسلمين فهو نشر العلم لكلّ أحد للكبير والصّغير والمرأة والرّجل : بحلق الدّرس ومجالس الوعظ وخُطب المنابر وبكلّ طريق مُوصل وهذا ما اشتغلت به الجمعيّة وتوسّلت بالطّرق الموصلة إليه ولن يستطيع الغُراب ولا غيره أن يُثبت عليها شيئا غير ذلك .

        ولا نظُنّه يعني التّعاليم المُنافيّة للعلم إلاّ ما قامت به الجمعيّة من بناء وعظها وإرشادها على آيات القُرآن العظيم وأحاديث النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ووصايا أئمّة السّلف فإنّ هذا كان مهجُورا في هذه الدّيار بل وفي غير هذه الدّيار فإذا كانت هذه هي التّعاليم المُنافية للعلم عنده فنحن نُشهد الله وملائكته والنّاس أجمعين أنّ هذه هي التّعاليم المُنافيّة للجهل المغيظة لأهل الجهل الماحقة لكلّ جهل ودجل وأنّها هي هي مصدر الدّين والعلم وكلّ خير وسعادة للبشر وأرغم الله أنف كلّ أفّاك أثيم .

        ثمّ يقول الغُراب أنّ هذه التّعاليم مُثيرة للأحقاد والتّحزّبات ولقد صدق هُنا وهو الكذوب فقد أثارت علينا هذه التّعاليم الأحقاد وأيّ حقد أعظم من الحقد الذي أكل قلبه وقلب مثله حتّى اعتدى علينا هذا الاعتداء العظيم وافترى علينا هذا الإفك المُبين وكيف لا يحقد علينا الجُهّال الذين يعيشون على الجهل ونحن نُحارب الجهل والمُتعيّشين عليه وكيف لا يحقد علينا الذين يقولون للنّاس كونوا عبادا لنا بفنون من لسان المقال ولسان الحال ونحن نقول للنّاس لا تكونوا عبادا إلاّ لله وهم يقولون للنّاس اعبُدونا وارزُقونا ونحن نقول لهم لا تعبُدوا إلاّ الذي يرزُقكم وهو الله وحده لا شريك له وكيف لا يحقدون علينا من يُريدون بقاء المُسلمين عُضوا أشلّ أو مريضا في الهيئة الاجتماعيّة الجزائريّة ونحن نُريده عُضوا حيّا عاملا كسائر الأعضاء فيها يُقيد ويستفيد يُعين ويستعين .

        فهذه الأصناف كلّها وغيرها من أمثالها امتلأت صُدورها على الجمعيّة حقدا حتّى انفجرت بالشّرّ أقوالها وأعمالها وكانت حزبا واحدا في الكيد للجمعيّة والمكر بها والسّعاية عليها والوشاية بها وموقف هذا النّائب الظّالم المُفتري مظهر من مظاهرها ومشهد من مشاهدها , وهذه الأصناف وغيرها من أمثالها هي هي الحاقدة المُتحزّبة دون عُموم الأمّة وسوادها التّي ظهر للعيان التفافها حول الجمعيّة وسُخطُها على أضدادها وما تملك الجمعيّة لتلك الأصناف من حقدها وتحزّبُها إلاّ أن تسأل الله هدايتها وتُقاومها بالطّرق المشروعة لترُدّ كيدها وتخنق حقدها وتدفع شرّ تحزّبها عندما تدعوها الضّرورة لمُدافعتها مثلما دعتها الضّرورة للرّد على هذا النّائب بالحُجّة والبُرهان لا بما سلكه هو ــ وسلكه أمثاله قبله ــ من الوشاية والإذاية والكذب والبُهتان .

عن الجمعيّة الرّئيس :  عبد الحميد بنُ باديس

 

 



 : جريدة الصّراط السّويّ العدد الثاني .( [1] )